أنواع الولايــــة
الولاية اسم مشتق من الولي . وهي :نوعان ولاية عامة وولاية خاصة، فالولاية العامة تعم جميع المؤمنين وهي ولاية التوحيد التي أفاضها الله سبحانه على قلب كل مسلم ، ولا يجوز الاقتصار عليها والاكتفاء بها ، بل لابد من العمل الصالح والتقوى ظاهرا وباطنا ، وفي هذه الولاية العامة يقول الله سبحانه :{ اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ...(257)} [ البقرة ]: أي من ظلمات الكفر والشرك إلى نور التوحيد.
والولاية الخاصة : هي المختصة بالواصلين الذين وصلوا مقام الإحسان من أرباب السلوك – فهم من قال الله سبحانه فيهم :
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوزُ الْعَظِيمُ (64) } [ يونس ].
وفي تفسير فريد وجدي ص 283 : ( أولياء الله ) أي الذين يتولون الله بالطاعة ويتولاهم بالكرامة التي تكون بشراهم في الدنيا . ثم يقول مفسرا:
" ألا إن أولياء الله الذين يتولونه بالطاعة لا خوف عليهم من وقوع مكروه ولا هم يحزنون من فوات مأمول ، وهم الذين آمنوا به إيمانا صادقا وخافوه فوقفوا عند حدوده ، ولهم البشرى في الحياة الدنيا بما يتلونه في كتاب الله مما أعده لهم ، ولهم البشرى في الآخرة يوم تتلقاهم الملائكة مهنئينهم بالنجاة ، فلا إخلاف لوعد الله ، ذلك هو الفوز العظيم".
وفي تفسير ابن كثير جـ 2 ص 422: يقول:
" يخبر الله تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم به فليس بعد تفسير الله تفسير، فكل من كان لله وليا " ولكن التقوى يفهمها الكثيرون خطأ فهم يقولون عنها : إن تنفيذ المأمورات وترك المنهيات حتى ولو كان ذلك بالقالب فقط أي أعضاء الجسم الظاهرة وفاتهم أن المحل الحقيقي للتقوى هو : " القلب" لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار بأصبعه الشريف إلى صدره الشريف وقال : " التقوى هاهنا التقوى هاهنا".
وذلك للقلب السليم الذي فيه سراجه المزهر الذي يدفع المعاصي ولا يقبلها لكمال خشيته لربه ، ويعمل الطاعات تقربا إلى الله لأنها تسعده حيث يجد لذة القرب ومتعة الأنس بالمحبوب سبحانه .
ومعروف أن الذنوب نوعان :
1- نوع يكون محسوسا ويتعلق بأعضاء الجسم الظاهرة ، وهذا النوع فيه ما هو من قبيل الذنوب الصغائر وما هو من الكبائر ، ومن السهل أن يتوب العبد وأن يقلع عنها إذا ما أصر على ذلك.
2- نوع معنوي قلبي، وهذا النوع كله من الكبائر، ولا يستطيع العبد أن يقلع عنها وحده ، مهما قرأ عنها ، وما تحدث أمام الناس بها، ألا وإن الكثيرين لا يفطنون إلى هذه المعاصي القلبية الخطيرة ، والتي يزداد انتشارها يوما بعد يوم في أيامنا هذه ، والتي يزكي فيها الإنسان نفسه ، وتغالبه الأثرة والأنانية والافتتان والتطاحن عليها والطمع في مال الغير وحاجته ، والتحولات الاجتماعية الواضحة التي جعلت من كان موسرا قبل ذلك صار معسرا ومن كان وجيها أصبح وضيعا ومن كان معافى سليما أصبح مريضا مرضا مزمنا ، وهكذا دواليك ، سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا . وهي ظاهرة تاريخية معروفة وسنة من سنن الكون، ولكنها غدت واضحة مرصودة لفقدان الغنى النفسي وعدم الرضا الذاتي ، والقناعة بما أعطاه الله وما قضاه وقدره ، فانتشرت المعاصي بكل أبعادها وبخاصة القلبية.
من كتاب كشف الغطاء عن اهل البلاء (العارف بالله الشيخ صالح ابو خليل