منتديات سيدى أبوخليل
منتديات سيدى أبوخليل
منتديات سيدى أبوخليل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات سيدى أبوخليل


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول


 

  كيف اتصلت بربنا

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله
Admin
عبدالله


المساهمات : 181
تاريخ التسجيل : 06/05/2011

 كيف اتصلت بربنا      Empty
مُساهمةموضوع: كيف اتصلت بربنا     كيف اتصلت بربنا      I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 12, 2011 12:16 pm

كيف اتصلت بربنا

يقولون لي كيف اتصلت بربنا أقول لهم هيا اسمعوا لي يا صحبي
بماية أمر قد وصلت لخالقي كماية نور كل نور له صب
1- بتفكير عقلي في ذنوبي وضيعتي وإيجاد حل للوصول إلى ربي
****

فتحت عيني على الكون عند بلوغي فوجدت سماء مرفوعة وأرضا موضوعة واتساعا رائعا يحوي أعجب الصنائع من شمس وقمر وكواكب ونجوم تنير ذاك الكون وأرض مبسوطة وجبال شامخات وحدائق وجنات معروشات وغير معروشات وسحابا يزجي الغيث لإحياء موات الأرض وعلمت أن هناك محيطات وبحيرات وأنهارا وغير ذلك من المخلوقات فوجدت أن عدم البحث عن الخالق البارئ المصور البديع المستحق للمعرفة لذاته وصفاته وأفعاله وقدرته – حيث رأيت ملكا ثابت الأركان محكم البنيان صنع عليم حكيم وإله عظيم لا يعجزه شيء فيكون ليس كمثله شيء فهو جدير بالعبودية والانحناء تضرعا لتلك الربوبية – فوجدت أن تأخيري في ذلك البحث ذنبا مني وضياعا وبحثت في الحل فكان الإلهام للقلب وتفكير العقل في الرب فابتدأت بذكر باقي ما سيقرؤه القارئ من مقامات وإقامات ، وهي ما كانت لتوفيق الله علامات.
******
2- بقصدي بعهدي بالمربي برجعتي بحسن امتثال سرت فورا على الدرب



بقصدي: " يوجد تفسيرها بالمقدمة التي تشمل النية والإخلاص والصدق"

بعهدي:" أخذ شيخنا رضي الله عنه العهد بعد ما كان يذكر الله ليلا ونهارا بدون اتخاذ شيخ وذلك حسبما يميله قلبه وعقله وبذلك كان يذكر أسماء الله الحسنى بترتيب كل اسم ماية ألف مرة ثم ينتقل إلى الثاني حتى يتم يذكرها ماية اسم لأنه كان يعتبر "هو" منها إلهاما من الله تعالى له أنها من الأسماء حيث " هـــــو " اسم يشير إلى ذات الله تعالى . بل ويكون بالقرآن الكريم بدل من اسم الله كقوله تعالى : هو الله . هو الحي. هو الرحمن.... وهكذا

بالمربي: " أي اتخاذ الشيخ العارف الممد عند مشيئة الله تعالى أن ينخرط بالصوفية ليجد أمامه الطريق سهلا . ممهدا ز مرتبا . بترتيب تصاعدي أوله الذكر ومنتهاه المعرفة بالله تعالى والرضا .

برجعتي : أي إلى الله تعالى وسلوكي الطريق المستقيم.

يحسن امتثال : لله تعالى بامتثال أوامره والانتهاء عن المعاصي وامتثال أوامر سيدنا الرسول إمامي وقدوتي.
***
3- بتوبي بعزمي بالندامة بالبكا بذكري بفكري بالتشكر للرب

بتوبى: بالتوبة التي هي أول بالعهد وهي أول الدخول في حضرة القدوس بلا نفوس

بالندامة : وهي الندامة على سابق المعاصي أو الندامة على التقصير في الواجبات أو الندامة على قلة العبادات والشغل عن الله بواجبات الحياة عن التفكر والذكر لخالق الأرض والسموات ، والاشتغال بالدنيا عن الآخرة وهي دار القرار . ومنزل الأبرار.

بالبكا: نعم كيف لا يبكي عند سماع قوله تعالى: ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ). وبيعة سيدنا الرسول هي بيعة لله تعالى بدليل: ( يد الله فوق أيديهم ) ، التي تنبه الطالب أن الله موجود بعلمه لهم وقدرته عليهم وتشير كذلك إلى الطالب بالوفاء بالعهد ودوام الود للودود . والخضوع كما هو معهود بالسجود ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) . وكيف لا يبكي عندما تهتف الآية الشريفة . ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) ولولا الرجاء بعد ذلك الخوف لبكى إلى ما لا نهاية ، ولولا قوله تعالى : ( ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ) لذاب فؤاد الطلاب ، مما سبق من خطاب

بذكرى : بدوام ذكرى الكثير وماله في الروح من تأثير مثير به من حضور قلب وترديد لسان وإجلال وتبجيل للرحمن كيف وقد حوى صفات الجلال وما فيها من موجبات الخوف والهيبة والخشوع والخضوع وما بها من صفات الجمال المهدئة للروع بما فيها من موجبات الطمأنينة ، وهبوب نسيم الاستقرار والسكينة وهما نعم الدواء : ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب)

ونهاية الخوف والهلوع بهدوء الروع بالإنابة لله أي الاستسلام والرجوع وهنا شذا عطر الرحمة يضوع (1) هنا نشوة وأي نشوة . بوهب تلك الهدية القدسية والنفحة السماوية .لذلك قال شيخنا: ( الذكر وصال ) نعم وصال لمعرفة الله تعالى ورضا ذي الجلال فجد واجتهد، وجاهد فيما عليه عاهد ، وكانت الوسيلة إليه تعالى بكل أنواع ما يقرب إليه حاصل ، ولكنه وجد أن الذكر طريق مختصر للمعرفة والوصول والتواصل . فجعله أصلا وما عداه فرع وداوم على لزوم الباب مع أولي الألباب ، وما تحول عنه برهة أو غاب ، فكانت نتيجة المجاهدة مشاهدة وتمام رضا ولكنه ما رجع . ومع الحجاب بالباب ركع وبهذه الوقفة اقتنع ولولا أمر سيدنا الرسول له بالرجوع والدعوة وتعطير أنفاس الكون بالذكر ما فارق جنة القرب، فقد وقف نفسه على ما نال ولم تؤثر عليه الآمال فقد ترك الصديق والأهل والمال هائما بهذا الجلال فكان ما كان من دعوة معروفة وبهذا موصوفة.

بفكري : بتجول روحي في ملك الله الذي نحن فيه ، وملكوت الله الذي هو بالسماء من ملائكة وكرسي وعرش يتحمل التجلي الأتم عند ظهور النور والعظمة والبهاء فإنه يرى بعينيه هنا ملكا ظاهرا وسلطانا قاهرا ووضعا باهرا وبهاء سافرا وان لهذا العالم خالق مبدع قادر ذو خير وافر ولعباده آمر وزاجر والرسل والأنبياء للحق سفراء للعبيد ، وهو لما يفعل ويشاء مريد.....

نعم وتفكر في جليل جميل صنع الباري وما عليه من بهجة وحسن تنسيق يشمل الجليل من الأشياء كما يشمل الرقيق منه والدقيق ويتعجب في أدب كيف كان ذلك كله بدون مهمات وعمال وآلات .( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) وهو على كل شيء قدير ويعجب لحسن الإدارة ودقيق التدبير مما يعجز عنه الغير لأنه عزيز ليس له نظير ... فلا ند ولا شريك ولا معين .. بل هو صمد ... إليه يقصد كل طالب ... وهو المجيب لكل راغب ( ليس كمثله شيء) .. سبحانه تنزه عن كل شيء وعلا...وهو لما يشاء فاعلا .( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )

تفكر في تنظيم الجهات... وكيف تحمل قدرة الله للأرض والسموات بلا أعمدة ترى .. ولا أساس عليه ذلك البناء قائم ... وبلا سنادات لتلك الشامخات تلازم ... إلى غير ذلك من أسباب ... نعم تفكر ولله تعالى خشى وهاب وأناب .... وآمن وما ارتاب ... وأجل وقدر الوهاب ... كما تفكر في الجسد والروح والقلب والنفس ... وهنا بتلك العظمة بلله أحس ولمس ... وعند ذلك فتش .... ولربه الهداية التمس.

بشكري: نعم التمس فيما ذكرته كل موجبات الشكر لما كان أثرا للذكر ، وحفظه من الانتكاس والنكث والوهم والوسوسة ودس الشيطان والمكر.

كيف لا يشكر بكل جوارحه الحسية ولطائفه المعنوية الروحية والقلبية والعقلية وفي كل ذلك مقتديا بمن تورمت من القيام قدماه .... متأسيا بسيد الخلق رسول الله ، وما همه مركز تركز فيه كأول داع . لله ساع وللشرع واع ولحق الله تعالى محافظ ولجلاله مراع فقد كان أهم المهم عنده أن لا ينسى الله ومصطفاه لحظة .. شاكرا ما حظى به من ملاحظة وعناية، ووصول إلى الغاية ، وهكذا دلت بدايته على جلال النهاية التي أولها صيحة طفل بقول : أحب الله ... مرة ، وأخرى يقول : أحب النبي . صيحة كان يفرح بها المؤمنون ، قائلين : إن الله لذلك الطفل سيكرم ويجتبي . ولذلك كان إذا سئل عن أمره يقول : بالنبي ، وعند ذكره لمولاه ترى الرعب تولاه وانبثق الدم من جبينه حبيبات ، من المسام باثقات لما به من خوف وخشية وهيبة وإجلال وشوق لله المتعال ولنبينا همزة وصل الاتصال وهنا يبتدي بذكر الوسيلة لبلوغ تلك الغايات بالذات ، ويذكر الوسائل إجابة للسائل فيقول :
***
4- بتطهير قلبي ثم تطهير وجهتي وتطهير كسبي تم لي القصد يا حب

بتطهير قلبي : نعم بتطهيره يكون قلبا سليما ( إلا من أتى الله بقلب سليم ) سالما من الشوائب خاليا من المعايب سليم النية في القصد والفعل والقول متحليا بالفضائل خاليا من الرذائل " ستذكر في محلها من القصيدة"

ثم تطير وجهتي: أي العمل على سلامة نيتي وتطهير طويتي فيكون العمل لله . لا لسواه طريقتي ووجهتي وهنا تفهم قوله رضي الله عنه : " إننا نذكر الله لله" وقوله: " من ذكر الله رغبة في الدرجات فهو محجوب عن الذات " . وقوله :" إن الذكر أجل عطاء من الله وما الفتح والدرجات إلا مظهر إكرام الله تعالى " . وقال : " الفتح الحقيقي بطريقنا هو : التوفيق للذكر الكثير".

وتطهير كسبي : بالعمل والكسب الحلال وعدم الاحتياج للرجال للنفقة في سبيل الله وتربية العيال وإكرام الضيف وإغاثة الملهوف والتعاون على البر والتقوى ولا يكون بالانقطاع على الله تعالى والتواكل الذي ضد التوكل تماما إلا أن يكون من الله على ذلك مجبور فالمجبور معذور فيكون كذلك فلا تسأل عن مشيئة الله وإرادته فإنه يكون مجذوبا جرفه تيار المد الذي ينتهي بالجزر (1) حيث " يصبر صاحب هذا الحال " مكلفا بالنهي والأمر وإما أن يصير مجذوبا مستديما ذلك النفع فيه معدوم ولا تصح له قيادة فلا به نقتدي ولا عليه نعتدي ونترك أمره لله"
***
5- بتفريغ قلبي بالتفرغ باختلا بجهدي وجدي قد تقربت للرب

بتفريغ قلبي : هنا نراه يوالي حديثه بتفريغ قلبه عما سوى الله . ولكنه كالسلف من الرعيل الأول من الصحابة والتابعين لأنهم مع تفريغ قلوبهم مما سرى الله تعالى كانوا قسمي قسم فارغ القلب عما سرى الله كأهل الصفة وانكبابهم على العمل للآخرة ولكنهم لم يستديموا على ذلك لاشتغالهم بالجهاد في الحرب وعند انتهاء المعارك رجعوا لذلك وأما أكثر الصحابة فكانت لهم أعمال الدنيا موازية لأعمال الآخرة متكسبين من تجارة وزراعة وحرف وما منهم عن الأمرين انحرف أو انصرف

فإنه رضي الله عنه كان كذلك للأمرين مواصل.

بالتفرغ: حيث صار يوالي ذكره بالليل مصروفا دون وعي عم عمل النهار وعن الحضرات والجماعات والاجتماعات مشغولا بذكر الذات.

باختلا : هنا بعد واقعة حال بينه وبين إخوانه وطلب عزله وما كان من واقعة المسبحة المعروفة حيث أمره شيخه بالخلوة لتمام التفرغ ذلك دون مدة معلومة فكانت الخلوة الصغرى إلى خمس سنوات ثم الخلوة بالمقابر مدة ثلاث سنوات ثم الهيام الذي شغله عن ترتيب عبادته بخلوته هنا فر إلى الله ممن سواه وغاب غيابا مطلقا وصار للدنيا ومن فيها وما فيها مطلقا فكان لا يحضره العقل إلا عند الصلوات المكتوبات والنقل الذي يتابعه بقراءة القرآن في حنان ووله وخشوع للرحمن إلى أن يصير في سبوحه بروحه وسروحه فلا يكون إلا الذكر الصافي بالأسماء أو الصلاة على سيد ساكني الأرض والسماء صاحب المعراج بعد الإسراء...

ويمكث أياما لا يتذكر الطعام طعام الجسم . مكتفيا بطعام الروح وإمداده من الله بالقوة دون قوت ولم يضعف من ذلك أو يدهمه الموت.

بجهدي: بجهدي الذي رزقني به الله تعالى وهو الكسب الذي أراده الله للعبد بل أنا الرامي والموصل الرمي الله ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ).

بجدي: بل هو الجد فمن جد وجد وبهذا الجهد وهذا الجد وربما كان الجد يعني بها : الجد الذي يناقض الهزل . فكل ما كان لسوى الله فهو في نظره هزلL إنما الحياة الدنيا لعب ولهو....)
****
6- بتركي لبيتي والعيال ومسكني وعند قبور الحي لازمت يا صحبي

بتركي لبيتي : بدأ رضي الله عنه يتكلم عما كان مجبورا عليه اعتذارا لمن يقول فيه شيئا يشم منه رائحة العتاب إنه نسي بأنسه بالله بيته وما يلزمه وتجارته وما يلزم للقيام بها لتنمية المال.

والعيال : وما لهم عليه من حقوق مستحقة والقيام بواجباته لهم من : غذاء وكساء وتعليم ودواء.

ومسكني : الذي يأويني من الحر والشمس والبرد يقيني . وسكناي بجوار القبور التي لا تمنع من تقلبات الجو ، ولا من هبوب الهواء والنو .... مع أنها ليس بها أثاث ولا رياش ولا ما يصلح أن يكون محل معاش.
***
7- بحبي بشوقي بالهيام بجذبتي بفرط غرامي والفنا قبل الرب

بحبي : وهنا بحبي أي بسبب حبي الذي استولى على روحي وقلبي وعقلي حتى جذبني بمغناطيس الجذب فجذبني إليه جذبا لا أقوى على دفعه أو منعه بل العجيب أن أكون بهذه الحالة قرير العين ولا أعد هذا بلاء من الله أو مين " إهانة" بل أعده من الله تعالى تكريم ؛ حيث بالله تعالى لا سواه أهيم ، ولا عجب أن أرى كل الراحة في ذلك فلا شعور بأي ألم جسماني أو روحاني . بل أشعر بأن الله تعالى على عاطف وحاني . وحافظ ومعتني بما به من فضل منه به يخصني وأشعر أني إلى كرم أعلى من ذلك أسير .

بشوقي : وهنا لما صار الشوق بعد الحب حال . صار زيادة الحب هذا ابتداء تجليات ذي الجلال .

بالهيام : وهنا انتقلت إلى مقام ابتدأت فيه أشعر بالجذب نحو المحبوب ، وعرفت أني لبعد ذلك من مقامات مطلوب . فلم أكن بهذا الشعور مكروب ولا مرهوب

بجذبتي : ابتدأت أحس ببعدي عن الخلق وغربتي وهروبي منهم كان بغيتي حيث كان ذكر الله وحده في الغربة الغريبة سلوتي.

بفرط غرامي: صرت غريما وعدوا ومجاهدا ومعاندا لكل شيء يبعدني أو يلهيني عن الله تعالى . حتى الحديث النفسي والخاطر القلبي والتفكر والتدبر .

والفنا : حتى دهمني الفنا وما الفنا لو وصفته إلا هو كبنج الطبيب والمقصود به التحذير حيث الحس يغيب وهنا الفعل يكون للروح فقط فلا ابصار ولا سمع ولا شم ولا لمس ولا إيلام للقلب أو النفس لزوال الأوصاف الإنسانية حتى ولو كان صاحب الفناء مع الناس فإنه لا يقيس لفعلهم ولا فعله بفعلهم يقاس ." نحن في سعادة لو علمها الملوك لحاربونا عليها بالسيوف".
***
8- بلزومي توحيد ذات إلهي في صفات والعقل نور قلبي

بلزومي توحيد ذات إلهي : هنا يرجع بنا شيخنا لأيامه السالفة وأسباب هذا العطاء الفائض فيقول : بلزومي التوحيد لذات ربي في ذاته وصفاته وأفعاله وأنه الله الذي أخبرنا عنه ذاتا وصفات وأفعالا سيدنا الرسول حتى أنبأنا بأسماء الله الحسنى التي شملت لاسمه الله وهو الاسم الجامع لأسمائه والعلم عليها أي الجامع للصفات والأفعال وما كنت عليه من عقائد سليمة وإيمان شامل كامل بين العلماء أنواعه عند ذكر الواجب والجائز والمستحيل مما كنت ملهما من الله تعالى عرفانه وبيانه ومقصده ومعاني الأسماء الحسنى السنية فضلا عن رب البرية وما ألهمني الله تعالى من تفسير آيات القرآن الكريم ومعاني أحاديث النبي العظيم وفضلا عن ذلك علم لدني ألهمني به الله تعالى شمل تعقل التنزيه لله تعالى عما لا يليق بذاته وصفاته وأفعاله فكنت عبدا لله موقنا حق اليقين وعينه.
***

9- ولزومي حد الشريعة لله وحسن اقتدا بطاعه حبي

وحسن اقتدا : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنه) فالأسوة الحسنة هي الإقتداء البعيد عن التأويل والرخص والأهواء الخالي من الرياء والأغراض وطلب الأعراض الزائلة والإقبال على الله تعالى والعمل للآخرة والإقتداء بالسلف الصالح من الصحابة والتابعين والعلماء العاملين وأولياء الله الصالحين الداعين القائمين بالدعوة إلى الله تعالى مخلصين له الدين حنفاء قد صدقوا ما عاهدوا الله عليه من الوفاء للعهد ودوام الحب له تعالى والود.
***
10- وبحبي القرآن حبا عميقا وكذا سنة أهاجت قلبي

وبحبي القرآن: لأنه كتاب الرحمن وللتوحيد والشريعة ترجمان: ولكلام الله تعالى بيان فقد حوى كل ما هو للبشرية من تعاليم تفضي إلى السعادتين للمؤمنين في حاضرهم بدنياهم الفانية وأخراهم الباقية وأرشد لي الإسلام والإيمان والجهاد لإعلاء كلمة لا إله إلا الله وإتباع سيدنا محمد رسول الله . ( فاتبعوني يحببكم الله) تلك الحكمة التي بها علا الدين واعتلت بها العروش المسلمون. بعد النصر المبين . تلك الكلمة التي بسبب هجرها ، تملكتنا الأمم الغربية وخسرنا قضيتي الدنيا والدين وما زلنا غافلين

وبسنة أهاجت قلبي : أهاجت القلب الصافي الطهور الممتلئ بالإسلام والإيمان والنور وشرح الصدر الممتلئ بالحب والطاعة المؤدية إلى الفناء في العمل دون التواكل والكلال وعدم انتهاز الفرصة وبسط الآمال وليس هذا شأن الرجال بل هو تمن وأمان زائغة زائفة لقلوب ليست لربها راغبة راهبة خائفة فالسنة لسيدنا الرسول في القول والعمل ثاني دليل بعد القرآن فهي للقرآن مذكرة تفسيرية وأداة تعبيرية لحقائقه ودقائقه ومقاصده وعبادات سيدنا الرسول كانت كلها تطبيق ولأقواله صلى الله عليه وسلم تحقيق ومن استرشد بها رشد ومن بها اهتدى ما ضل بل وصل إلى الحسنى وزيادة والحسنى الجنة والنعيم والزيادة رؤيته تعالى وتمام التنعيم لتمام الرضا والتكريم.
***
11- ولزومي إقبال قلبي على الله تم منه القبول سبحان ربي

ولزومي إقبال قلبي على الله : هذا القلب الكبير الذي كان يحمله طفلا صغيرا يتحرك صائحا بكلمته الحبيبة : أحب الله أو كلمته : أحب النبي. فكانتا للناس تذكيرا ، وعما بفؤاده وعقله المبكر تعبيرا فكانت كالآذان للصلاة منبهة للسامع الله اكبر أن يتذكر ويذكر متوجها شطر المسجد ليتعبد .

هذا الإقبال الذي لازمه مراهقا وعند البلوغ وفي الشباب وفي تمام الرجولة وفي الشيخوخة كل ذلك الدأب والعبادة والتدرج في مراتب السعادة ثم القيام بالدعوة إلى الله الذي تولاه ووالاه وأعطاه فاهتدت به مئات الألوف دون أن يصيبه كبر ولا عجب بل ظل خاضعا خاشعا للرب سائلا الله دوام الود والقرب.
***

ويؤكد ذلك قوله الآتي:
12- ولزومي الوقوف بالباب عبدا لم أحول وجهي اعتنا بي ربي

ولزومي الوقوف بالباب عبدا: هذا هو تشبيه لما هو عليه من التزام العبودية الصادقة والتزام الذكر والعبادات التي شغلته بكل الأوقات وتطور أحواله وعد نسيانه الله . مع عدد اللحظات بما تسبب في الجذب والخلوة والسياحة بالبلاد هائم وبما فوق الطاقة ملازم.

فكان عبدا في بدايته عبدا في نهايته لم يتحول إلى غيره تعالى وما طلب ملذات جسمانية ولا مطالب روحانية ولا أفعال غير رحمانية مع حفظ الله تعالى له من الرذائل الإنسانية والأخلاق النفسية الشيطانية وهذا هو مقام الحفظ للولي المجتبي يقابل مقام العصمة للنبي
***
13- بانتهائي عن المحرم يا قوم وفعل الطاعات هيم لبي

بانتهائي عن المحرم : كأنه يذكر فضل الله تعالى عليه قائلا : لو أني لم ان منتهيا عن المحرم ما تم لي ذلك الفضل الإلهي العميم من العظيم الكريم فالمعلوم أن الطعام الحرام لا ينبت منه لآكله إلا عمل الحرام وكذا الحلال من الرزق ينبت معه لآكله عمل الحلال وكأنه يقول: عن الواجب الأول الانتهاء عن المحرم ثم الامتثال لأوامر الله ورسوله تكون ثاني الأعمال فإن العبادة لا تقرب لقلب العصاة الذين يهملون أوامر الدين وآدابه ويتظاهرون رياء لعباد الله بل ويدعون الخلق إلى الله فلا حول ولا قوة إلا الله.
***
14- بالتحلي بالفضل بعد التخلي عن ذميم الفعال عاينت دربي

بالتحلي بالفضل بعد التخلي عن ذميم الفعال:- أي الرذائل.

التخلي عن ذميم الفعال أذكرها قبل الحلي حيث يكون طرد الرذائل قبل العمل بالفضل أي الفضائل.

فواجب على المؤمن أن يتجنب : الحق والحسد والغيرة وسوء الظن بالناس متهما لنفسه غير مرتاب في غيره ولا يكن ضغينة لأحد ولا يحقر لمخلوق بعيدا عن البخل والشح والريا وحب لجاه والرياسة والعمل بالتدبير السيئ والسياسة والتفاخر وكثرة الكلام الموجب للغيبة والنميمة خاليا من الميل للدنيا وزهرتها إلى حد النسيان للرحمن كما يتخلى عن العقيدة الفاسدة وارتكاب المعاصي وترك التوبة والمكر والحيلة والخيانة والحرص والطمع والميل مع الهوى عند كل شهوة من المحرمات وسمع الملاهي وشهود المنكرات واللعن والقذف والسب والزور والسخرية والتحقير والغيظ والجدال والجزع والأثرة والبطر والظلم والإسراف والمزاح والتزين وحب الفواحش والتسويف للتوبة والتمني وقلة الحياء والجبن وعدم الغيرة والغش...

كما يجب وجوبا مؤكدا على المسلم العاقل العصري المثقف المتحضر تجنب فساد العقيدة... ويحرص على الإيمان بالله تعالى والإيمان بصفاته وأفعاله المبينة بأسمائه الحسنى فما أجلها وأجلاها نورا أسنى والإيمان بالرسالات والكتب والملائكة وغير ذلك مما ورد به الشرع من الله رب العالمين وأن لا يتأثر بالأقوال والمغرضة والمذاهب الهدامة المستوردة فإنها ترهات واختراعات جماعة همها هدم الأديان والإيمان بالرحمن وذلك أنها سد منيع بينهم وبين الوصول إلى سيء رغباتهم في اعتقاد مؤلفاتهم وإتباع جهالاتهم ورواج بضاعتهم الفاسدة الكاسدة التي ترمي إلى لغو التقول وترك المعقول؛ فإنها تدعو أولا إلى الكفر والإلحاد والفوضى وعدم الالتزام بشرائع الله تعالى وقوانينه السماوية وتريد فوضى شاملة كاملة في الأخلاق وأنواع المعاملة وهنا تسود أمة اليهود فانظر إلى علم الاجتماع ترى المقصود به وهو حكم وتسلط الصعاليك والرعاع من الأشياع والتنصل من الفضائل الروحية بإشباع الشهوات النفسية وهذه هي روح القضية التي يريدون كسبها عنوة بالترهيب أو الخدع بما يقوموا به من ترغيب عجيب وانظر إلى ما فيه العالم الآن في كل مكان تجد ما يشيب منه الطفل الصغير من فساد منقطع النظير واقرأ أخبار العالم المتحضر الذي أصبح لا يدرك ولا يسمع ولا يبصر وإن قلت إن الشباب جنون أقول: وما الذي أصاب الرجال والكهول فما تقول في أناس لفوا العقول وخالفوا كل معقول حتى أصبحت كل الأشياء والألفاظ تعبر عن الضد وأصبح بالعالم معنى الحكم والتحكم ... وويل للمتألم وأصبح الإصلاح خيانة وأخذ العمولات لا ينافي الأمانة وأصبحت التجارة شطارة ولو كانت تجارة في الرقيق والدعارة وعند بوليس الآداب الخبر اليقين وأصبح حال العظماء الجدد المعاونة للشر والقيام بأعمال يندى لها الجبين وهناك أشياء أنزه القلم عن كتابتها وأسئلة أنزه نفسي عن إجابتها.

أليس هذا حال ما عليه العالم الآن ... بكل مكان ؟؟ وذلك كله أثر لما نشره علماء اليهود المزعومين بالكتب والمجلات والصحف والإذاعات والمحاضرات . فقد ساعد اليهود وفرة المال وشراء كبار رجال الأعمال فحققوا بذلك بوادر الآمال وأصبح لهم صوت مسموع وشأن بالباطل الذي اخترعوه مرفوع . فقد ذلت وذللت وحكمت وتحكمت وملكت واستحكمت فهي الحاكمة للعالم من وراء حجاب تعمل على رفعة وإقامة شر يفسحون بالعلم المزيف والمال لتثبيت وضعه . وإذا استمر الحال على ذلك الوضع الشائن . سنراهم الحكام لكل شعب كائن لا حول ولا قوة إلا بالله.ويكفيك على ما مر دليل أن شعب اليهود اعتبر نفسه لفلسطين والعرب غازي وفعل بهم أكثر مما وقع عليهم من النازي..

أما التحلي بالفضائل : أي الأوصاف الحميدة فهي تشمل أشياء كثيرة منها: العقيدة الصحيحة والتوبة والإعراض عن المعصية والندم على فعلها والحياء من الله والطاعة والصبر والورع والزهد والقناعة والرضا والشكر والثناء وصدق الحديث والوفاء وأداء الأمانة وترك الخيانة وحفظ الجوار وبذل الطعام وإفشاء السلام وحسن العمل وحب الآخرة وبغض الدنيا والجزع من الحساب وخفض الجناح وكف الأذى واحتمال البلاء ومراقبة الحق والإعراض عن الخلق وطمأنينة القلب وكسر النفس عن هواها وقواها وحجزها عن لذاتها والخوف والرجاء والجود والصفح والمودة والغيرة والمواساة والمدارة والإيثار والنصيحة والعفة والتسليم والتوكل والشجاعة والمروءة ومحبة الله تعالى ورجاء الوصول إليه وخوف الفراق منه والأدب والتأمل والتأني ومحاسبة النفس والإنصاف وحسن الظن والمجاهدة وترك المراء والجدال وذكر الموت وقصر الأمل والتفقه في القرآن ونفي الخواطر وترك السوى ودوام الافتقار والالتجاء إلى الله عز وجل والإخلاص في كل حال والمتخلق بهذه الأخلاق يحصل على السعادة بالدارين بمشيئة الله.
***
15- بحربي لنفسي واحتقاري لشأنها وحسن افتقار واستتار رضي حبي

بحرب لنفسي: بالمراقبة لها والمحاسبة وتفتيشها دائما وقمعها عن مباشرة شهواتها وإلحامها عن مألوفها وتأديبها وتهذيبها ومخالفتها ورفض نصحها وإلزامها ما ينفعها بعد ترويضها وتدريبها وتعويدها فعل الخير بعد حبسها عن الشر وإتباع الشيطان وغوايته وتنفيذ إرادته التي تنحصر في حب الدنيا والفعل لكل الرذائل والانغماس في الملذات وعدم الخضوع لأوامر الشرع وإتباع القرآن الذي يأمر بكل الفضائل وبه صفو تعاليم الإسلام الحب لله ورسوله والإيمان والعقائد والآداب المفروضة على الإنسان وعلى العموم فإن النفس عدو العمر المنافق الكذاب والصديق الصدوق لكل شيطان وكافر وملحد منكر لكل ما جاء بالكتب السماوية وسنن الرسل الهادية المهدية ولكل عاص لمولاه عابد الشيطان وهواه وهمته دنياه فالمحتقر لشأن النفس يذللها له الله ومن افتقر إلى الله تعالى هداه ولكل ما سأل أعطاه ومن استتر ولم يظهر أحدا على حسن أعماله التي بينه وبين الله أرضاه الله بالزيادة في متنوع أنواع العبادة لأنه اكتفى بأن يرى محاسن أعماله مولاه فهذا سليم القلب والنية والقصد المخلص في أعماله المريد وجه الله ( إلا من أتى الله بقلب سليم ) وهو المتوجه بعبادته لله طلبا لرضاه حيث هو يعبده تمجيدا له وتفريدا لذاته وتنزيها لها عن مماثلة الحوادث ( ليس كمثله شيء) فإنه واحد في ذاته وأفعاله وصفاته حيث تعالى سبحانه عن مشابهة سواه منزها عن الشريك وعما سواه وهو الفعال لما يريد عندما يريد لأنه المالك الوحيد والكل عبيد فحكمه تعالى عدل وعطاؤه فضل وهو للمغفرة أهل....

وهنا يسأل العم سائل : كيف ملكت للنفس قيادها وهي من طبعها الهروب والشرود والزوغان .؟

ويقول : إن الله تعالى ألهمني باعتقالها وحبسها وحرمانها من غذائها وهي الشهوات لفعل الشر كما ألهمني أن أضطرها لاستعمال دوائها وهو طلب الخير.. أقول: إن الله تعالى يوفق ويعين فإنه مطلع على حسن النية للمجاهدين – فإن لها درجات تتدرج فيها تدرجا تصاعديا فهي أمارة بالسوء وتسمى " الأمارة" .. ( إن النفس لأمارة بالسوء) وبالترقي تكون لوامة ( والنفس اللوامة ) لأنها أصبحت تلوم نفسها على القبيح فتسمى اللوامة فيكون لتوبتها وندمها ورجعتها علامة ثم تسمى ( راضية) لأنها أصبحت إلى الخيرات مفضية ثم تسمى ( مرضية ) بما نالته من رضا رب البرية وهنا تمتزج بالروح امتزاجا في عبادتها وسبوحها بروحها ومعراجها وبكفيها ربها شر الامتحان والاستدراج وهنا تسمى ( مطمئنة) وما الاطمئنان إلا تمام الايمان واليقين والثقة بالله تعالى فقد سبق ذلك انشراح الصدر ويسر الأمر وصفاء النية بالإخلاص والصدق والفضائل يكون حال ولذا ابتدأت به في هذا الشرح المختصر للقصيدة التي كانت تحتاج في شرحها إلى من هو أكثر مني إلهاما ممن نالوا مددا أكثر مني وإكراما.
أنا في دولة الخليل لسان وكثير فيها لسان فصيح

فلا يظن ابن الطريق أن المعركة هنا انتهت حيث هنا سيظهر ثلاثة أعداء هي: الدنيا والشيطان والهوى وهنا تكون حربا ضروسا وصراعا دائما مع هؤلاء الثلاثة الذين يأملون الاحتفاظ بمهماتهم فالشيطان يهتم بالخنس والوسواس ( قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس.....) ويطفو حب الدنيا وزهرتها بما يجر إلى حب الشهوات والذات واللذات بالذات ... ويظهر سلطان الهوى ظنا بأنه على عرش القلب والفؤاد استوى فلا غرو أن يحافظ على تلك المحلة المحتلة فإنه الخلقة البشرية بها ميل للخير يقابله ميل شديد للشر وهذه الطباع للمرء في انطباع إلا من شاء الله هداه فينصره نصرا كاملا فهو الذي يكون للرسول لعصمته والولي لحفظه ورعايته
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح

فما زال الله سبحانه وتعالى للمستغفر مجيب... وللتائب حبيب.. وعلى قلبه رقيب حفيظ هنا ينكمش العدو انكماش المقهور ويختفي بالظلام صاغرا بركن ضيق بالقلوب والصدور حيث قد ضيق عليه عظيم النور إذن فتكون تلك المعركة انتهت إلى إسقاط مراكز القوى التي تعمل في خفاء الظلام إرادة الحكم والانسجام.

فلنكن دائما متذرعين بالحذر ومتوقعين وقوع الضرر والخطر. فاللئيم لم يزل بمكانه رابض ولرجوعه فارض لأنه لما وقع لا يزال يعارض والله للحذر لمن يحذر كافي ( أليس الله بكاف عبده) .. بلى... كافيه ومعافيه إلى أن يلاقيه مؤمنا فائزا بإذن الله.
***
16- بحربي للدنيا وإبليس والهوى أتاني نصر الله وانجذب القلب

بحربي للدنيا وإبليس والهوى:

وأحب أن نعلم أن الأولياء الأتقياء الذين فضلوا الانحياز إلى جانب الله تعالى يعدون أن كل ما سوى الله تعالى باطل فهو دنيا وهم لها محاربون باعتبارهم أن الدنيا بما فيها من مشاغل ومطالب عن الله حجاب . وهنا صار لهم التوجه لله هو الغالب فكانت الخلوة وترك العباد بل والجذب في الله تعالى والهيام والسياحة دون شعور منهم بالبلاد حتى يرزقهم الله تعالى بالصحو بعد المحو وبالحضور بعد الغيبة والسماح لهم بالرجوع للوطن والأوبة فإما يكونوا ملتزمين ما هم عليه من انحياز وإما يكونوا داعين لله بالله عباد الله بالاستقامة ولهم يؤيد الله تعالى بالكرامة وهي خوارق العادات كما المعجزات لأصحاب الرسالات عند تحديهم للرسول وطلب العلامات أما الولي فإن الكرامة له هي لدوام تعاليم الرسالة بعد انتقال الرسول إلى حي مولاه وهي واقعة بغير تحدي فهي سبب مباشر في هداية الخلق ورجوعهم للحق فلابد أن يكون أعز طبع في الداعي إلى الله عدم الاكتراث بجمع المال والرجال وأرباب المناصب مجانب ولله وحده راغب زاهدا فيها بل متورعا عن حلالها فلا يحب الغنى والكثرة عفيفا مكتفيا بالكفاف منفقا مما وجد غير عابئ بما فقد .

وواجب أن يكون الداعي إلى الله زكي السيرة مشهورا بالدفاع عن الشرع والغيرة ونقاء السريرة تدل بدايته الطاهرة على نهايته الفاخرة.
***
17- بثبات بعد إخبات قلبي وبحسن الظنون أرضيت ربي

مشيرا بذلك إلى قوله تعالى( يثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة ) حيث ذلك الثبات قد رزقه الله تعالى بعد إخبات قلبه وروحه وبدنه لله تعالى ومعنى الإخبات : الخضوع والخشوع والخنوع والذل والانكسار والمسكنة " مما سيذكر بمحله" وأكثر معاني التعبد فيه فهو اسم جامع لأكثر أحوال السالك إلى الله تعالى من مبدأ سلوكه حتى النهاية وبلوغ الغاية ويشير إلى أن هذا الثبات والإخبات ناتج عن حسن الظن في الله فحسن الظن يكون من أثر التوكل على الله والثقة بالله والخوف والرجاء فيه والتفويض والتسليم لله تعالى والرضا والشكر.

وهنا ترى أن من أعطاه الله حسن الظن في الله تعالى علامة لما به يتفضل عليه بما به من العطاء وسيواليه وفي هذا توجيه لنا إلى التنبيه إلى كل ما بهذه القصيدة يحكيه عن نفسه كما كانت عادته في حياته أنه كان يحكي حكايات عادية ولكن تجد كل سامع عند سرد الحكاية يبكي فكل واحد من الجميع له في تلك الحكاية شيء يخصه ويعلم أن الأستاذ على شيء مخصوص في قلبه يتكلم عنه له خاصة ومع ذلك فعند استئذان الإخوان للسفر يعطي كل منهم كلمة فيها تمام الاطمئنان فسبحان ربنا المنان
***
18- باعتمادي بعد التوكل لاقيت لرزق يفيض من حل كسبي

يقول باعتمادي على الله وحده حيث توكلت عليه لأنه الودود الوهاب الباسط الرزق الحلال لمحبيه والحرام لأعاديه فقد رزقني سبحانه وتعالى نعمة رزق تامة جعلتني أقوم بواجبي الخاص والعام وأخدم الطريق في وسعة وأغيث الملهوف وأعاون للجميع دون تهاون وأنفق في سبيل الله تعالى غير هياب ولا مرتاب تقديرا لفضل وعطاء أجل جناب وذلك ما كان من دوام التعبد والدعوة إليه من أهم الأسباب.
***
19- باغتنائي عن خلقه واقتنائي ليقيني وقيت فقرا وكرب

يقول باغتنائي وعدم التطلع إلى ما في يد الناس أو فرض الإتاوات أي العادات والطلب من الذوات الذي لا يكون بعده إلا تكريم الغني لغناه واحترامه دون سواه غير عالم أن احترام الغني لغناه يذهب بثلث دينه والتقرب للحكام يذهب بباقيه ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) وأن من شاركهم أعمالهم كان قلبه لهم ساكن والمرء على دين خليله – أي صديقه – ومن رضي بشيء صار للراضي عنه شريك بل الواجب نصيحة الأصدقاء فإن لم يتمكن فليتباعد قدر ما يمكن ويزيل المنكر باليد فلو لم يمكن كان باللسان فلو لم يمكن كان منكرا بقلبه وهذا أضعف الايمان أي الايمان الذي لا يثمر ... وكل ذلك نتج عن يقيني بالله تعالى يقين مؤمن بالله أنه يكفيه أي يحفظه من كل شر وضير وأنه بالخير موافيه من كل خير وأنه وحده الذي بيده مقاليد السموات والأرض أي الحاكم بهما وهو المليك المقتدر الفعال لما يريد الرءوف الرحيم بالعبيد الذي من توكل عليه أرضاه ومن تيقن بنصره والاه ومن استغفر ورجع لحماه تولاه ومن افتقر إليه دون غيره أغناه ومن لاذ بعبادته نجاه ومن دعا إليه رقاه وأعلاه ومن ذكره تعالى جعله الواصل إلى الله أي العارف به تعالى والحائز لرضاه وأنه في الجنة سيراه وكل ذلك لمن خشيه واتقاه .

وهنا لك من نسي نفسه وجنسه ودنياه وغلب عليه جذبه فلم ير إلا الله وتفوه بما يوجب الملام عندما قال في حال سكره " ما في الكون إلا الله " لأنه عازف عن سواه ... وربما كان المجبور في جذبه وسكرته لما يقول معذور لأنه مقهور

ولكن قال شيخنا رضي الله عنه عند سؤاله كيف نعامل المجاذيب؟ قال: إنه يجب عدم انتقادهم كما يجب عدم اعتقادهم لأن المجذوب لا يصلح أن يكون قدوة يقتدى به لما حل به من غيبة وإن كانت متقطعة فلنكرمهم وندع أمرهم لله تعالى واجتنابهم أفضل من القرب لهم.
***
20- بإيمان قلبي والفعال لقالبي ونطق لساني لا إله سوى ربي

يقول شيخنا: إن الإسلام والإيمان هو : نطق للشهادتين باللسان وعمل بالأركان وتصديق بالجنان أي القلب وهذا تأكيد لما سبق بمحل أخر من القصيدة.
***
21- بإتباعي للحق تم ارتداعي لا ابتداعي هنا حباني بوهب

يشير شيخنا أنه ملتزم بالكتاب والسنة والسلف من الصحابة والتابعين والتزام فعل المتقين من الأولياء الأوفياء الأصفياء العلماء الربانيين والعلماء المتفقهين الخاشين ولله الراجين وما أمرني به سيد المرسلين وعنه صلى الله عليه وسلم أخذت وليس ذلك إلا تفضلا لداع بالقرن الثالث عشر ويا ويله من عصيان قد اشتهر واستقر بكل مقر فإن لم يكن مدعما من الله عن طريق رسول الله ليكون قدوة لمن دعاه وممدا للروح مما مده الله بواسطة مصطفاه رسول الله وأن يكون مؤيدا بآيات ظاهرة يكون بها اللب يقتنع فيتبع هنا بالحق البعيد عن الابتداع الباطل ( فماذا بعد الحق إلا الضلال) فالزيادة عن المأمور به الداعي إلى الله طغيان وظلم به الشر يعم فهو أمر لا يراد به وجه الله من فاعل فقد تقواه.
***
22- بتركي كدوراتي بأنسي بخالقي ونيل لنعماء له صرت صب

يشير شيخنا هنا إلى حقيقة عجيبة وهي وإن كان عاصي الله تعالى المنغمس في شهواته وملذاته وطيباته الدنيوية والذي يملك للمال الفائض وهو طبعا ليس حلالا ويملك للسكن المستوفي الكماليات فضلا عن الضرورات والمقتني مختلف السيارات وصاحب العمارات والتاجر أو المناصب والعمولات وخذ وهات من المال السايب عند احتلال أرفع المناصب والمقامات كتاجر المخدرات فرحا بالمال بل هو أيضا خائف من الزوال بعد تغير الحال خوفا يكدر عليه حياته خوف الفقر مع أن خوف الفقر كان هو السبب في كل ما ارتكب فخوف الفقر يجر إلى طلب الحرام وإلى كل الرذائل من الصفات ويدعو إلى ارتكاب كل أسباب التعجيل في الغنى ولو كان طريقا غير شريف وهنا يكون للخيانة أليف فهو وإن اغتنى تراه مشغول البال دائم البلبال غير مستقر الحال يخاف الانتكاس وشماتة الناس فتراه عابس الوجه دائما وللأحزان وخوف الهبوط ملازما وفيما يكدر صفو حياته قائما ولهذا اتبع شيطانه وهواه ونفسه وحب دنياه ستكمل حظوظ النفس المنغمصات لروحه ولعقله المعتقل الكدورات وخوفه من قصر الحياة وفجأة الممات ليتمتع من بعده بالثروات أصحاب الرعونات بعد موته مما يكدر للخاطر ويثير مؤلم الخواطر وكل ذلك لمن كان لله عاصيا وهاجر... وكأنه يقول إن من أنس بالخالق وإعطاه ونوال نعمه الظاهرة والباطنه بفضل رضاه فلا شيء يكدر صفو حياته الدنيوية ولا يوقف مسيرته إلى الله بل هو يزداد معه لله الحب الذي يتدرج تدرجا صعوديا فيكون صاحب صب فالصبابة أعلى درجات من الحب وكيف لا يكون ذلك لمن قال : كلما واجهتني الدنيا بوجهها وليتها ظهري ولو وليتها وجهي لكنت من صفوة الأغنياء .. كيف لا يكون هذا لمن يعلم أن أهم صات رسول الله عزوفه عن دنياه ... وأن أهم ما يهمه العمل لأخراه لأنه يعتبر الدنيا ممر والآخرة هي المقر وبها كل ما يهواه وأجله وأرفعه وهو التمتع برؤياه مولاه.

لذا كانت معيشته صلى الله عليه وسلم دون الكفاف وهو عنها معتصم بالعفاف وكن ذلك حتى جاءت الأنفال " مكاسب الحرب" تأتي أثقال بعد أثقال فلم يكن اهتمام باقتناء المال الذي يوزعه كله ولا يرجع إلى منزله بشيء منه حيث هو متورع عنه وإن كان حلال إذ يدخل بيته ليس معه من ذلك شيء فلا يقدم له غذاء غير غذائه المعروف وهو التمر والماء ويسأله عن نصيبه الأزواج فيقول: لله ذهب الذهب والفضة لأنه لكل صاحب حق بل لكل سائل أعطى ووهب فيسألن متعجبات : وأين حقنا الذي هو لك؟ يقول إلى جيوب الفقراء سلك فيتألمن تألم المحروم المكلوم " المجروح " والزوجة يا سيدي لها قاذع اللوم " موجع " وهنا يدفع اللوم فيقول : هلا ذكرتموني؟ " أرسلتم إلى من يذكرني أي بما أنتم فيه من الفقر والاحتياج أعلمتموني" وهنا يقف الجدل فيقدم له الغذاء المعهود فيأكله شاكرا ولجناب الله مثنيا ذاكرا ذلك كان يحصل بالبيت الذي كان لا يرقد موقدا بالشهر أو الشهرين وما هو إلا التمر والماء وخبز الشعير.

وهذا الرسول الذي عرضت عليه الجبال أن تكون ذهبا فأبى هذا الرسول الذي ربط على بطنه الحجر ثلاثة أيام من الجوع دون أن يفطن لذلك أحد حيث أصحابه تظن أنه بالبيت غذاه ونساؤه تظن أنه تغذى مع أصحابه وأحبابه وأن طلب الطعام كان من طبعه ألا يأباه فهو يأكل الطعام إن يقدم له ولا يعيبه عند تقديمه بل يتعاطاه شاكرا.

هذا الرسول الذي كان يعطي الأغنياء من الأعداء المال بل يعطي المائة بعير بعد المائة لمن يرجو إسلامهم من القوم ولا يرضى ممن شاء أن يلومه على السخاء والكرم فإنه يريد بذلك لين القلوب للإسلام بفرط هذا الإكرام وما يعد من الهدية التي وصلت رغبة التحبيب في الايمان فتكون الهدية موجبة لتبديل العداوة والجفاوة وبذلك تتم المحبة والإيمان والوفاء لصاحب مكارم الأخلاق رسول الخلاق وتعظيم هذا الرسول المنزل عليه : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) صلى الله عليه وسلم.

* هذا الرسول الذي لم يطلب جاها ولا مالا ولا رئاسة رجال بل الايمان بالله المتعال ويأمر بالمعروف وكريم الخصال.

* هذا الرسول الذي قال عندما أذاه قومه " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " الذي شرح الله صدره فلم يتكدر أبدا لأنه يحسن في ربنا الظنون

* هذا الرسول الذي فتحت جيوشه لفارس والروم.

* هذا الرسول الذي كان مع عزة الإسلام ومع مقامه الذي كان فوق كل مقام تراه متواضع وأول من كان لله تعالى منكسرا ذليلا خاضع.

* هذا الرسول الذي يقف للمرأة العجوز ويقضي لها الحاجة ولم يتأفف من طول الكلام واللجاجة.

* هذا الرسول الذي كان مع جلاله يقم بيته " أي يكنسه " ويساعد أهله في الخدمة ويحلب شاته ويخصف نعله ويركب الحمار والبعير والبغلة ويردف وراءه من لا يجد ما يركب .

* هذا الرسول الذي كان ينام على الحصير فيؤثر في جنبه.

* هذا الرسول يجيب دعوة من دعاه ولو على الخل والرطب .

* هذا الرسول الذي كان يلقى رداءه على الأرض ليجلس عليه زائره تكريما له.
***
23- بامتحاني باستكاني بامتكاني بارتكاني عليه زال الكرب

يشير شيخنا إلى ماضيه كله ونجاحه في كل قصد من أول أمره حتى نهايته فقد امتحن الله إيمانه في ما تدرج به من درجات وما وهبه الله فيه من جليل هبات وكيف كان في صغره يحافظ على الذكر الكثير بتلك الصيحات : أحب الله أو أحب النبي وكيف حافظ في هذه السن على مداومة الذكر الكثير والصلوات وكيف حافظ على درس القرآن تلقي وكيف كان له من الكسب بالقرآن توقي وكيف زرع وحافظ على الجار وما جار وكيف لم يسخر لخدمته عاملا بليل أو نهار وكيف تاجر ملتزما الصدق والأمانة والصيانة لدينه بالتزام الحلال من الرزق وكيف كشف عن زيف من غش وكيف هو لمن يلاقي بالابتسام ويتلقى الزائر وقد هش وبش وكيف كان ينفق في سبيل الله الكثير مما أعطاه وكيف كان يلتزم المساجد ليلا إلى الصباح وكيف كان عندما اتصل بالسادة الصوفية حبا في تطهير النية والطوية طالبا الهداية في المسير باتخاذ من يوصله إلى الله تعالى وكيف لم يتبع النهج الأسهل بل بخدمته تسع سنين لإخوانه من خادم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://maddyaam.own0.com
عبدالله
Admin
عبدالله


المساهمات : 181
تاريخ التسجيل : 06/05/2011

 كيف اتصلت بربنا      Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف اتصلت بربنا     كيف اتصلت بربنا      I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 12, 2011 1:03 pm

نعال إلى خادم يقدم التحيات للرجال ثم إلى ما طلبه الإخوان
أن يكون قائما مقام المربي لهم بالطريق وكيف انتقل إلى الخلوة خمس سنين للعبادة
وكيف لم تسعه القبور فهام على وجهه أربع سنوات لا مسكن ولا رياش ولا أثاث وكيف ختم تلك السنين بحج وزيارة طعامه بمكة ماء
زمزم وبالمدينة تاجر ولنفسه من السؤال أكرم وكيف تصدق بما نال من مال وذلك بعد ما
كان يريد العمل والكسب دون إذن فآذته امرأة ولكن عند الإذن بالتكسب لم يتعب وكيف
زاول مكة إلى المدينة وكيف انتهى الامتحان باصطفاه وتعيينه وكيف كان عند رجوعه
خالي الوفاض وأن الله رزق ووهب وأفاض وكيف ابتدأ الدعوة واستجاب صفوة الطلاب وكيف
تعدت الدعوة إلى البلاد المجاورة وكيف كان عند محاربته وإرادة التعدي بعد التحدي
وكيف انتصر وصفا له العصر والانتقال إلى مختلف البلاد للهداية والإرشاد وكيف كان
معهده يضج مولد الرسول الأكرم من له بالمهمات وقضاءها يكرم وكيف كان العيدان
للطريق أعياد...


نعم ... كان في كل ما مر من أمر امتحان والنجاح والثبات فقد كان
في كل ذلك مسكينا لله خاضعا مرتكنا وعلى فضل الله الذي جنبه سوء روقاه ولذلك أعطاه
تمكينا وتأمينا وكان بالارتكان على الله يزول ما يلاقي من توقفات في المسير وما
الارتكان إلا التوكل الذي يتفرع منه الرضا والتسليم والاستسلام والتفويض التام
وبذا تم الإنعام والإكرام حتى ارتحل لحي ذي الجلال والإكرام...


***


24-
وببذلي للمال في دون مَنٍّ حيث
أن المنان والمعطِ ربي


نعم كيف يكون منه من على من ساعده بمال الله الذي آتاه وهو لديه
أمانة وديعة لله وهو يحفظ كتاب الله ويفهم مؤداه وهو القائل تعالى( وآتوهم من مال
الله الذي آتاكم ) والقائل: ( وما أنفقتم من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء
وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ) والقائل: ( وما تنفقوا من
خير فإن الله به عليم ) والقائل: ( وما أنفقتم من خير فهو يخلفه) والقائل ( فاتقوا
الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم
المفلحون) والقائل : ( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور
حليم ) والقائل : ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم
عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ....


وهذا ما خاطب الله به من أعطاهم المال.


قال تعالى : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :" قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط
منفقا خلفا ويقول الأخر : اللهم أعط ممسكا تلفا"


وعنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله
تعالى : انفق يا بن أدم ينفق عليك"


وعن أنس رضي الله عنه قال :" ما سئل رسول الله صلى الله
عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه ولقد جاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع
إلى قومه فقال : يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وإن كان
الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يلبث إلا يسيرا حتى يكون الإسلام أحب إليه من
الدنيا وما عليها" رواه
مسلم.


وقال تعالى : ( يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن
والأذى ) وقال تعالى : ( والذين ينفقون


أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى).


وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إلى هم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال:
فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا
رسول الله؟ قال: المسبل(1) والمنان (2) والمنفق سلعته (3) بالحلف الكاذب
"
رواه مسلم


وخاطب البخلاء الأشحاء بقوله تعالى: ( وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه
ماله إذا تردى ) وقال تعالى: ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)


وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان
قبلكم (4) حملهم على أن يسفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم" رواه مسلم


وكذلك كان توجيه سيدنا رسول الله


فكيف لمن علم هذا أن يكون إلا مرضيا لمولاه؟


***


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) المرخي ثوبه خيلاء


(2) من أنعم واصطنع الجميل
ومن على من عمل معه الجميل


(3) بضاعته ومتاعه


(4) من بني إسرائيل






25-
بخوفي بتقوى بالحياء بهيبتي رأيت
صفاء لا يكيفه قلبي


بخوفي : خوف الايمان وعلامته: مفارقة المعاصي والذنوب وهو خوف
المريدين وخوف السلف وعلامته: الخشية والإشفاق والورع وهو خوف العلماء وخوف الفوت
وعلامته: بذل الجهد في طلب رضا الله لوجود الهيبة والإجلال لله عز وجل وهو خوف
الصديقين ومقام الملائكة.


نعم كنت خائفا لله عندما كنت أقرأ من الآيات ما هو مخوف لي
كقوله تعالى: ( وإياي فارهبون) وقوله تعالى: (
إن بطش ربك لشديد ) وقوله تعالى : ( (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي
ظالمة إن أخذه أليم شديد إن في ذلك لآية
لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل
معدود يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار
لهم فيها زفير وشهيق) وقوله تعالى : ( ويحذركم الله نفسه ) وقوله تعالى : ( يوم
يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شيء يغنيه) وقوله
تعالى: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل
مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب
الله شديد )


ونكتفي بالمذكور الموجود بالمقدمة في شرح الخوف.


بتقوى: قال تعالى : ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته )
وقال تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) وقال تعالى : ( يا أيها الذين أمنوا
اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ).


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله من أكرم
الناس ؟ قال " أتقاهم " فقالوا ليس عن هذا نسألك قال : " يوسف نبي
الله ابن نبي الله بن خليل الله " قالوا: ليس عن هذا نسألك قال : " فعن
معادن العرب تسألوني؟- خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " ..
أي فهموا فصاروا عالمين بالأحكام مثقفين أصحاب مروءات ومكارم أخلاق ثمرة تعليم دين
الله .


وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا
الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت بالنساء"


وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يقول : " اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى " رواه مسلم


بالحياء : قال العلماء : حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع
من التقصير في حق ذي الحق.


عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر
على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" دعه فإن الحياء من الايمان متفق عليه


وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " الحياء لا يأتي إلا بخير " ( متفق عليه ) وفي رواية لمسلم :
" الحياء خير كله " أو قال " الحياء كله خير ".


وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " الايمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان". متفق عليه


وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدره ..." البكر حال اختلائها
بالزوج الذي لا تعرفه من قبل تستحي منه " فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه
" ... لذلك استحيي شيخنا أن يراه مولاه مقصرا في الدعوة إليه. إلى غيره
مطمئنا ولغيره ناظرا أو يراه بنعمته كافرا أو يراه عاصيا بالرذائل متصف أو يراه
غافلا عن الفضائل غير عامل بها ومتبع أو يراه خمولا كسولا أو يراه مبتغ عن الحق
بديلا أو يراه شحيحا بخيلا أو يراه في أي شيء نهى عنه مولاه بل يجب أن يراه في كل
ما يشرفه يوم يلقاه حتى يفوز بالتجاه شافعا في أبناه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا
من أتى الله بقلب سليم ليلقي هو ووفده من الله تعالى الإكرام الإلهي العميم وهذه
نهاية المستقيم.


بهيبتي : التي هي أشد من الخوف فإن الخوف قد يكون من سوء الجزاء على
الأوزار أو الطرد وغيره مما يسبب دخول النار أو خوف سقوط المنزلة عند العباد وغير
ذلك مما يصيب العابد ولكن الهيبة هي مهابة ذات الله إجلالا لله لأنه الله المعبود
بحق وعبادة غيره باطلة كل البطلان فليس هناك كفء ولا مثيل للرحمن المنزه عن الوالد
والشريك والولد وهو الغني والكل مفتقر إليه متوكل عليه مفوض أمره إليه فكل حي غيره
فان وإليه يأتي مسرعا يوم البعث غير متوان مقرا بما فعل ومحاسبا عليه راجي النجاة
وهذا هو الله الذي يهابه إجلالا لجنابه فلا حول ولا قوة أي تحول عن شيء إلا بأمره
ولا قوة على فعل شيء إلا إذا أراده وشاءه وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن
فيكون لأنه مبدع الكون وما فيه ومن فيه له العزة والكبرياء والملك والملكوت فسبحان
الحي الباقي الدائم الذي لا يموت والذي بصفات الجلال والجمال موصوف منعوت.


***


26-
باعتصامي بالله بعد انفصامي
عن سواه تم الوثوق بربي


باعتصامي : هنا يكون باعتصامه بالله تعالى امتثالا لأمر الله تعالى
القائل : ( واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ) والقائل تعالى : (
ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم )


والاعتصام به تعالى لأنه الذي بيده مقاليد السموات والأرض
المدبر لأمرها والحاكم المالك لها فلنرجع للاعتصام به تعالى ( ومن يتق الله يجعل
له مخرجا ) أي مخرجا من كل أمر محرج في الدنيا والآخرة ومعنى ذلك أن لا نسأل إلا
هو ولا نطلب الحاجات والنصر إلا منه ولا ملجأ في المهمات إلا له ولا نخاف إلا منه
ولا نتقي إلا إياه ولا نتوكل إلا عليه وله تعالى نسلم ونفوض ونستسلم ونرضى .


وهنا يكون الاعتصام بالله هو طريق الفلاح وباب النجاح كما يقول
القائل: اعتصمت بالمنزل هذا اليوم اتقاء الرياح والبرد والأمطار أي لزمته .


بعد انفصامي عن سواه : أي انفصالي وتركي لكل ملة ودين
لسواه فكل ما سواه في نظره قاطع عن الله لذلك كانت الخلوات والهيام بالفلوات
والانقطاع والتفرغ وليس هناك إلا ذكر الله والتضرع في دنياه ما يشغله عن الله
ويمنع.


تم الوثوق بربي : أي تم سكون القلب إلى الثقة بالله والانقياد التام
لأمره تعالى والرضا بما قضاه بل وأكثر من ذلك فإنه القائل : " كل ما يأتي من
المحبوب محبوب " وبذلك كان رضي الله عنه يعامل مولاه علام الغيوب وكان يقول
عند الشدائد : المهم أن يكون الله راضيا عني ويقول وهو فرح ومغن : " وكل ما
جاء من محبوبي يعجبني " بلهجة بدوية موسيقية تجعل السامع لها في طرب مما لهذه
المقالة بهذه النغمة من حنين المحبين للرب وبهذا كان يزول الكرب بشعور القلب برضا
الرب ولشعور منهم كيف يكون الله حنانا منانا للإنسان وعلى كل ساكني الأكوان .


***


27-
بانكسار بذلتي بخضوعي
بخشوعي بانقطاعي لربي


يقول هذا البيت الذي هم تمام للمقامات والإقامات السابقة كنتائج
لاحقة وكأنه يقول : إنه لم يصب من العطيات بداء العجب والكبر والتعالي والتفاخر
معتزا عن الخلق بما حباه به مولاه.


ويعلم من البيت الآتي الأسباب التي حفظه بها من أعطاه ووالاه.


***









28-
بصدق بقولي والفعال ونيتي وودي
ووعدي والتوجه للرب


أي بصدقي فيما أقول وهو ضد الكذب لطالب المنفعة الطامع المتذرع
للإفساد بين الناس الساعي بالغيبة والنميمة والتجسس وصدقي فيما أفعل من إنفاق في
سبيل الله والنفقة على المسكين واليتيم والفقراء والمحتاجين من معونات .


وصدقي في نيتي أي قصدي الطاهر الخالي من التعللات النفسية وصدقي
في الود لله بصفاء العبادة لله والفضل في ذلك للودود المبتدي عبده بالود والجود.


وصدقي فيما أعد به بتحقيق ما وعدت وأنا مستريح البال.


وصدقي في وجهتي في العمل إرادة وجه الله لأنه يعلم أن الرياء لا
يقبله الله وصدقي في الوفاء بالعهد ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)


***


29-
بصبري بتفويضي بتسليم بالرضا بتسكين قلبي ثم نفسي بلا عتب


بصبري عن محارم الله والشهوات والصبر على إتباع أمر الله
والطاعات والصبر عند المصائب والعلل والصدمات احتسابا لوجه الله والصبر على
الإيذاء من الجاهلين والإعراض عنهم لأنه لابد من التعرض للداعي إلى الله بالقول
والتجريح بالصراحة أو التلويح والصبر بالعمل على الإيذاء للنفس والتعدي كما حصل لسيدنا
رسول الله ومن والاه ولذا كانت الهجرة له وفراره ببدنه ودينه إلى مهجره ومأواه.


ومن الصبر يتشعب التفويض والتسليم والرضا واليقين الذي به تحصل
الطمأنينة للقلب والتسكين أي السكون للصابر دون شكوى تحتوي على عتاب فلا يكون
العتاب مقبولا عند أرفع جناب .


فقد يقول قائل : ما فعلت يا رب حتى أبتلى بهذا المصاب ؟ففي ذلك
القول أخطأ وما أصاب الله لا يسأل لأن في فعله عين الصواب .. ( وعسى أن تكرهوا
شيئا وهو خير لكم ) حيث تكون الجراحة للجريح حسن حال لما كان من التطهير لسبب
العلة واقتلاع هذا السبب عظيم نوال.


والمعهود أن يكون بعد العسر يسر وبعد كل شر يكون لطف من الله
وإقبال كل خير فالحرب عادة أن يكون مكروه ضار ولكن الحرب كانت سببا للدفاع عن
النفس وود جود الاستقرار وما كان حرب الرسول والشهادة للشهيد إلا علو منزلة عند
الله تعالى وعند العبيد وجزاء الشهادة أن ينتقل الشهيد من حياة دنيوية تافهة إلى
حياة تكون بها روحه ناعمة مترفهة والشهادة هنا تكون لإعلاء كلمة الله سبب وهنا
يتخلص الشهيد مما يلاقيه غيره في الدنيا والآخرة من تعب ونصب بما هو فيه من إكرام
ينصب وذلك رضا له ممن للخير وهب ولذا يجب ألا يكون شكوى ولا عتاب ولا تألم للمؤمن
يكون مكتفيا بعلم الله راضيا بقضاه متأكدا أنه تعالى حكيم في عطائه والمنع وربما
كانت المنحة محنة والمحنة منحة فالله تعالى دائما يتكرم بالأنفع وهو عن الضر لغير
مصلحة أرفع فالامتحان لنوال النجاح باب لأولي الألباب فهو مهر السعادة الروحية
دنيوية كانت أم أخروية ورضا الله مهره غال وعلى قدر تمام النيات تكون المجاهدات
وانظر قول الله ( والصابرين والصابرات ) ونهاية الآية بقوله تعالى : ( أعد الله
لهم مغفرة وأجرا عظيما ) وذلك لمن تشملهم تلك الآية تكريما .


***


ولذلك ورد بعد ذلك قوله : بصفائي...


30-
بصفائي بسخائي بالتجائي بدعائي برجائي بالحمد قد تم قربي


أي بصفائه الروحي الذي لازمه في كل تطوراته في إقامته التعبدية
والمسيرة الصافية عن ملاحظة الأغيار وملازمة العبادات واصلا الليل بالنهار والجمع
على الله محفوظا من الأغيار والفرح برضاه وأنه تعالى بكل فضل والاه لذلك غار عليه
مولاه فلم يكن لشيء عنده منزلة غير تقواه وحبه الله والهيام الذي به تدرج لأغلى
غايات بالمقامات وكذا حبه لكل من أحب وما يحب الله.


بسخائي بالتجائي : أي بسخائي في بيعي نفسي ومالي لله "
والجود بالنفس أقصى غاية الجود "( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
بأن لهم الجنة ) ووقفت عمري في الجهاد في سبيل الله والنفس والمال كانا مما تركت
من العيال والآل والصحب والدنيا وكل ما أحببت لأجل الله تعالى ابتعدت وعنه افترقت
وإلى خالقي التجأت مسلما إليه تعالى روحي وقلبي وجسمي وعقلي ونفسي وعياني وحسي فكل
هؤلاء كان ملكا لله دون سواه فروحي وفت بما تعهدت بيوم ( ألست بربكم ) وكان وفاؤها
في كل ما تعهدت متعهدة والقلب كان ما تعهدت متعهدة والقلب كان يتفكر في الملك
والملكوت مذهول وبإجلال الله وتسبيحه أي تنزيهه تعالى مشغولا فهو ( ليس كمثله شيء
) وهو خالق كل شيء وأنه له واجب وجائز ومستحيل ... بمحله ذكرناه .


كذلك الجسم بأعماله كان متمها ومطبقا للوازم الايمان وحب الرحمن
وكلاهما الله تعالى صان عما يتنافى عن صافي الايمان أو التهاون في شيء من الأركان
وهو قول العبد سبحان الله أي: أنزه الله تعالى عن كل ما سواه.


بل ليس هناك إلا عبد ومعبود وفقراء لله الصمد الذي لما يطلب كل
طالب مقصود لأنه الغني والكل فقير وإليه ينتهي فعل كل شيء.


وهو على ما يشاء قدير وإن من شيء إلا يسبح بحمده .


بدعائي برجائي : نعم ... فلولا الرجاء ولزوم الدعاء لمحقه الخوف الذي
إن زاد جر إلى اليأس قطعا وبلا مراء فالخوف شاغل للنفس والقلب بمخافة الانقلاب إلى
سابق العهد بالمعاصي ولتوجسه من عدم الوفاء بالعهد مما يكون بعده الرد من الله
والصد أو الطرد وسبب ذلك أن يرى أن فتحه تأخر وأنه لم يلمس الترقي وزيادة الإيمان
ولا يشعر بما يطمئن أن التوبة منه مقبولة وكيف تكون مقبولة وهو لا يزال بحديث النفس
والوسوسة وخنس الشيطان وعدم زوال الوهم وفقد الأنس يتناوب ويتجاذب مع شرح القلب
وكذا تتجاذبه الظنون النقية كما تتجاذبه الظنون النفسية ولا يفرق بين ما ينتابه من
تدافع الظنون وتخالف الفكرتين كل ذلك لأنه مازال يفكر في ماضيه وتركه طول هذه
المدة لربه بل وتجافيه وكيف يزول كل ذلك بالتوبة العارضة التي لها النفس لا تزال
معارضة.


لذلك تراه في بحر الأوهام هائم وعلى مياهه المالحة عائم وهي
مياه لا تنبت زرعا ولا تسقي إنسانا ولا حيوانا ولا ضرعا فقد شبه الله تعالى القلب
بالأرض الصالحة للإنبات والغيث بما يحيي بمائه تلك الروضات بعد موتها وكذلك فإن
الله تعالى جعل نوره إحياء للقلوب بعد موتها فكيف ينسى ذلك الظان بالله الظنون وإن
الله ليس مستكرها على شيء أبدا فإن ود للعبد ترى العبد لله ود وإن تخلف ذلك الود
كان من العبد صد والتوبة علامة لما حصل من التائب من القيام بالتوبة والتوبة ما هي
إلا استدعاء والمتاب إلا إجابة لما دعا الله إليه فأجاب النداء وإن كانت التوبة في
حقيقتها إلا تعهد والله تعالى يشهد ويعاين إذ هي أيضا انتهاء جفاء وابتداء وصال
ورجعة للمتعال إرادة الذي لما يشاء فعال لأنه أراد القبول للتائب وإحلال حسن
الأخلاق محل مباشرة المعايب وليست هي دخول ملهى ولاسيما ورؤية مسرحية . بل حقائق
ثابتة من الله تعالى مرعية لأنها مقضية وحكما عدلا يقضيه ونفاذ مشيئته وإرادته
وزوالا لما اتخذه الإنسان مما صار عادة وثورة روحية وانقلابا على المفاسد ومن فسد
وخيرا لمن إلى الله التجأ وتبصر واستند وعطاء لمن جد ليجد ما الله وعد (1) ويقظة
قلوب بعد غفلة ونسيان وذكرا وذكرى بنعم الرحمن وهنا يتم بالحمد إجابة المرفوع من
الداعي الذي يرفعه العمل الصالح ويرفعه على قدر متكلمه تقديره يتم فليس كلام
الملهم والمحدث كسيدنا عمر ككلام أبي جهل وهو سميه ففرق كبير بين الكلامين فهذا من
معين وذاك من معين فكلام الأول من أعمر قلب عامر بالإيمان وذلك من قلب مملوء
بالكفران .


فكلام الفاروق زين وكلام سميه شين.


وكذلك تنبه أيها الخائف الراجي عن كلام الله بقلبك موجود بعدما
القبول والمتاب جاد فلا تقبل شنشنة حديث النفس ووسوسة الشيطان والخنس فكلا الأمرين
رجس من اثنين أصابهما وكس وارتكاس وكلما دهما منهما من وسواس فتذكر الله وقل :
أعوذ برب الناس قال الله تعالى : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك " وهنا من
البدهي أن للوسوسة وحديث النفس لا نتبع نصح ولا نلقى لهما سمع بل الواجب أن يكون
لهما طرد وقمع والحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة علامة على أنه وصل إلى سوء
الحال وأتعسه ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) حتى صار أضعف من كيد النساء الذي قال
الله مشيرا إليه بقوله( إن كيدكن عظيم ) فليتوكل المؤمنون على الله تعالى القائل :
( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) وهي أمان أي أمان.


***


31-
بعفافي بالاكتفا بكفافي بانتصافي
للروح بالعدل ينبي


بعفافي : بتعففه
عما في أيدي الناس فلا استشراف ولا نظر إلى مال من الأغنياء أو متيسري الحال فضلا
عن أنه لم يطلب من الناس شيئا وأنه كان لا يقبل منهم شيئا فلا إتاوات فرض ولا مالا
من غنى اقترض ولم يلمح بطلب مساعدة ولا
قبول هدية شخصية ولم يكن له بالطريق نظام مادي ولا فرض سنوي أو شهري كمن جعلوا
الطريق مصلحة ضرائب مما جر إلى الدعوة إلى الله المصائب والمعايب إذ كان مخلصا لله
قلبه خالصا سائرا إلى المعالي والعلو بالطريق ليس بأحد متربصا مدفوعا إلى العلو
غير ناكصا فضلا عما كان له من طهارة النية وسلامة الطوية والسيرة المرضية ومناقب
معروفة وأخلاق مألوفة ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) وكما قال سيدنا رسول
الله :



" أحسن الحسن الخلق الحسن "


فلهذا كنا نرى أن المعاملة لجميع الإخوان متساوية في كل ناحية
لما جعل لكبيرهم أن يرحم الصغير ولصغيرهم أن يوقر الكبير وكان حب البعض للبعض ليس
له نظير أما الإخوان فكان لهم في شيخنا مقال يقال إن الشيخ هو كل شيء وإن الجميع
على مائدة كرمه الروحي عيال .. فلا توجد معاملة خاصة لأنه لم يتخذ خاصة حيث الجميع
له عنده من المكانة ما يجعله يظن أنه أقرب محبيه إليه لما يلاقي من تكريم عظيم
وبسط وجه لوالد كريم ولا تسأل عما كان عليه الإخوان من حب البعض للبعض حيث
المعاملة كانت دائما معاملة الند للند مما أوجب الالتئام وجميل الخدمة والالتزام
والتعاون في الدعوة في جمال من السر والنجوى ولا تنتظر من الوارث المحمدي إلا أن
يكون هكذا مع محبيه وبهذا كان عصره على الإسلام بركة وسلام وحسن انسجام.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) وهو قوله تعالى : ( أولئك
يبدل الله سيئاتهم حسنات )






وهنا تجد فضل من رضي بالاكتفا بالكفاف والاتصاف بالعفاف ..


بانتصافي للروح والعدل ينبي :هنا يشير أنه كان معتدلا وبتلك
الكلمة على الاعتدال يدل فإنه كان عدل والعدل أساس الملك حيث أنه كان متصفا للروح
محكمات للعقل ومنفذا لما جاء به الشرع والنقل ولم يعمل بهواه وما كان الانتصار
للنفس يهواه وذلك من آثار حفظ الله والحفظ الإلهي للولي معروف أنه يقابل العصمة
للنبي لأننا كنا نرى شيخنا عدل ومعتدل في
كل أحواله بأعماله وأقواله وتعاليمه وعبادته محسنا في قيادته فضلا عن عفوه والسماح
لمن أذى إذ كان حلمه لروحه إذا وما قولك في رجل كانت لله دعوته حاملا راية الدعوة
خفاقة لإعلاء كلمة الله لا رغبة في دنياه بل تباعدا عما عداه وهذا شأن من أراد وجه
الله.....


***


32-
بمعراج روحي في سبوحي بكونه
تدبرت تدبيرا لفاطره يسبي



33-
وببحثي في الكون والروح والجسم
ونفسي قدرت قدرة ربي


أي بتجول فكري وقلبي وروحي التي هي سابحة كما يسبح السابح على
ماء البحر فيما عليه ذلك الكون وكذلك الروح يمكنها التجول بالفكر والتفكر ويمكن
للروح والعقل حسن التدبر وبهذا نفسر قول الله : (إن في خلق السموات والأرض واختلاف
الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم
ويتفكرون في خلق السموات والأرض ...).


هنا يتم الإيمان ويعلو الاستيقان بما نظرت العينان وما علمناه
بالغيبيات المذكورة بالقرآن وأن القدرة التي أنشأت من جليل عظيم ما يراه لخير دليل
على ما الغيب احتواه وأوحى به إلى رسله وأنبياه فإن الظن لا يغني عن الحق شيئا
فالظن من إنشاء العقل والعقل على قدر نور قلب أضاءه فيه الله إنما العقل ينتفع
فيما يكون نتيجة لتجارب علمية للعين العالمة بالحس لكل محسوس أما الروحانيات فالحس
عنها متوقف وحبوس ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون )


أما عقائدهم في الإلهيات التي بنوها على معقولاتهم فهي ظن مرفوض
فهل كل يوم سنغير عقيدتنا عند ظهور عقيدة جديدة؟ .. أو نتبع عقيدة مبنية على سوء
أغراض لمغرض وللباطل المعلوم له ولغيره من المفكرين يفرض..؟ ولهذا الباطل تقرر
مقررات تدرس لتثقيف عقول الطلبة والطالبات ما اشتملت عليه كذلك من صريح ظن وترهات
كانت للفوضى بابا دخله العمال مدفوعين بالأمل كذلك دخله الزراع وأرباب الصناعات
فابتدأت الصراعات عند عمد تحقيق المنافع وصار كل فريق عن كيانه يدافع ولمطلبه
الغير يمانع وظهرت حقائق الواقع ووجدت فئات إلى المعالي لا تزال مترقية وفئات عمها
الفقر وسوء الحال لا تزال متهاوية هنا المرتفع لا يحب انخفاضا كما وجدت فئات
أمامها دون الارتفاع سدا منيعا فلا حول ولا قوة إلا بالله وهنا يترقى المستغل
بالاستمرار والضعيف لا يجد هدوء ولا استقرار وسبحان من يرسل بعد ظلام الليل ضوء
النهار لأنه وحده القهار .


والروح والجسم : هنا اتجهت إلى روحي فألزمتها الفهم للدين والعمل به
في حسن يقين .


واتجهت إلى جسمي الذي كلفته الجهاد والاجتهاد وبذل غاية الجهد
والجد .


وإذا كانت
النفوس كبارا تعبت في مرادها
الأجسام


وبحثي في نفسي : التي وجهتها فضائل الأعمال لتزكيتها وإصلاحها
وتنقيتها ورسمت لها الطريق التي ستسلكه مستعملا معها الترهيب بما أرهبتها والترغيب
بما رغبتها.


وهنا التزمت الطريق المستقيم وما ضلت وعن مطالبها تخلت وبالطاعات
تحلت والتزمت بالحق وما تولت.


وهنا تصالحت مع الروح والعقل والقلب في محاربة الشيطان والهوى
وما بقي في النفس من بواقي وطلبا للسوى.


وهنا اتفقنا على شرطين وهما : الإيمان بالقضاء حتى يتم لها
الرضا بالقدر وعدم الشكوى للغير اعتقادا أن ما صدر من الله خير تصديقا لقوله تعالى
: ( قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا
يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) وقوله تعالى : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا
هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم )
وقوله تعالى : ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من
بعده وهو العزيز الحكيم ). وقوله تعالى: ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن
فيكون )وقوله تعالى : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه
والله بكل شيء عليم ) وقوله تعالى : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين)


والشرط الثاني : أنها تلتزم مقام الإحسان فإنه المفضي إلى تمام
الإيمان حيث أن الله تعالى رقيب وعليم قال تعالى : ( الذي يراك حين تقوم وتقلبك في
الساجدين ) وقال تعالى : ( وهو معكم أينما كنتم ) وقال تعالى : " إن الله لا
يخف عليه شيء في الأرض ولا في السماء) وقال تعالى ( إن ربك بالمرصاد ) وقال تعالى
: يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ).


فقبلت كلاهما عن رضا وفرح وسألت الله تعالى التوفيق والإعانة
والصيانة والثبات والحفظ من الزلات وهنا
طلبت مني أن أراقبها وهنا طلبت مني أن أراقبها وأحاسبها وأنبهها إلى السير
على الصراط المستقيم ليحفظ الله تعالى وفي هذين الشرطين لي لأكون لمراده تعالى
مقيم وهنا قبلت ذلك عن حب يفضي إلى ما رجوت لها ولي من قرب.


هنا كان للشيطان والهوى هوان فلا خواطر خطيرة تخطر إذ كانت
كالبروقات السريعة تمر غير مكترثة لذلك المرور السريع أثر لأن الله لأولئك الأعداء
قهر وهنا انسل الجميع انسلال الهارب من المعمعة وهو وأعوانه خاسر للموقعة وظل
بجانب مظلم بالقلب لا حول ولا قوة متحققا فيه قول الرحمن ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان


***


34-
فانتهزت الشباب والوقت والعمر وحب الإله والذكر حسبي


نعم إنه يعرف تمام المعرفة أنه سيقف أمام الله ويسأل عما قدمت
يداه فإن الإنسان مسئول عن شبابه وعمره ووقته كيف كان فيهم مسراه وعن ماله فيما
استعمله وهل هو كان من حلال أو حرام اجتباه وهل هو عمره في عبادة قضاه ... وهو
مسئول عن كل عمل تولاه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال قدما
عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن عمله فيم فعل فيه وعن ماله من
أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه".


وهنا الجزاء للمحسنين والنجاة للمتقين وشر الجزاء للجاحدين
فالأول ثواب والثاني عقاب وهناك حاكم يحاكم على وزن الذرة"


( فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).


وهنا يكون إما حسن نجاة للبعض وسكنى الجنة ورضا الرب أو سوء حال
لمن يكون عاقبته الاستقرار بالنار مع غضب الجبار ( يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا
أنتم تحزنون الذين أمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون
يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها
خالدون وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون )


( وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها
أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون)


لذلك انتهز شيخنا الشباب والفراغ والصحة والعافية ليقوم بما
عليه واجب لله تعالى بعد أن رأى أن العمر يتفلت يوميا وكل يوم يمر انقضى بعضه ونقص
من عمره والمرء ليس شاعرا بالأيام حتى ينقضي عمره عاما بعد عام وسيداهم الموت
المرء وهو متحسر على عمره وضياع وقته عند فجأته بالضعف والأسقام ....( ومن نعمره
ننكسه في الخلق أفلا يعقلون)


حســــــــــــــبي(1):


هنا : بيت القصيد للقصيدة الشاملة كل المقامات والإقامات
العديدة .


هنا: الدرة الفريدة .


هنا الأساس لكل ما كان من عزيز اقتباس


هنا: العثور على منجم الماس.


هنا : الحقيقة الخالية من الأفكار والوسواس .


هنا : الطهارة من الشك والالتباس.


هنا : الإيمان واليقين للذوق والإحساس.


هنا : هجوم محبة الله على قلب طفل لم يتعد سبع سنين


هنا : الأنس بالحب الإلهي وحب النبي الأمين .


هنا : انجذاب القلب لأعلى جناب ورسوله الأواب.


هنا : صرخات داوية يعرفها أولوا الألباب


هنا: ابتداء فتح باب عطاء الوهاب


هنا : التدرج وارتفاع ينساب.


هنا : ستكون جذبة ذلك الطفل وانجذاب


هنا : كان الحب والذكر تغريد فريد لذلك البلبل الصغير ذلك يتم
بأدب واحتشام وحياء منقطع النظير.


هنا : لزوم المساجد والذكر كان أول بشير


هنا : الكراهة للكتابة واللوح والقلم نجم ، وبالتلقي للقرآن
الكريم انسجم


هنا : بالقرآن تم فهما له على قدر عقله المبكر يتم .


هنا : صار صامتا متدبرا متأملا فيما له ناظرا


هنا كان يسأل نفسه أسئلة متتابعة عن الكون وأسراره ومنبعه


هنا : صار اندفاعا للعمل قوي فيه الأمل أن الله تعالى سيتفضل
بمعرفته لجلاله وجماله وبهاه وكان ما كان من سلوكه الطريق وانتظام السير حيث وقع
منه مالا يحصل عادة من الغير فإنه ابتدأ سلم السلوك بالذل والخدمة لله.


هنا : لإخوانه صديق ولربه تعالى عبد مملوك رقيق ثم كان ما كان
من خلوات وجلوات وسياحات وجذب بالساحات ورجوع ودعوة لرب السموات وما تم من إكرام
بلغ القمة بحصول تمام النعمة ...


هنا : كان فضل الله تعالى في كل ما قصده عم وتم بالحب والذكر (
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) ولذلك كان الذكر وحده منهاجه الذي تلقاه تلقينا
من سيدنا الرسول ومعروف عن القوم " الصوفية " أن الذكر هو الطريق
المختصر للوصول إلى الله والرسول . وما الرسول إلا باب الله الذي لا يدخله على
الله أحد إلا منه ممن رضي الإله عنه .


" وأنت
باب الله أي امرئ أتاه
من غيره لا يدخل"


***


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) الحسيب: هو الكافي أو
الكفيل أو الضامن لما يكفي الطالب للوصول لله ونوال هداه ورضاه.


35-
فحباني ربي بكل مقام منه فضلا
بلا تطلع قلب


فحباني ربي بكل مقام : نعم ... يقولها من اجتاز مقام
القطبانية وحاز مقام الوراثة المحمدية وبذلك نال مقام المعرفة والرضا حيث بذلك
الله سبحانه وتعالى قبلا قضى وبذلك على ما جاء به القرآن يسير في سهولة وتيسير
وللسنة النبوية ملاحظ وعلى توجيه الرسول محافظ عاملا بالشريعة الغراء متحققا بما
تحقق به كالراسخين المتحققين من الأولياء حيث كان علمه خضريا ربانيا لا بالتعلم
الإنساني المعهود بل يفيض تكرم به المعبود المقصود صاحب الجود ويؤكد ذلك إقرار
علماء عصره بعد مناظرتهم له ونصره مما جعلهم له يذعنون ولطريقته يتبعون ولها يدعون
.


منه فضلا بلا تطلع قلبي : نعم ... كيف يتطلع إلى المقامات
ويتسرع في طلب الجزاءات ويعاني في طلب جليل الهبات وكيف يكون له اتجاه لحب الظهور ربما يؤدي
للرياء بما نال من عطاء وهو الذليل المنكسر الخاشع المستحى من رب الأرض والسماء
المفطور على العبادة والذي هاجمه حب الله تعالى ورسوله وهو طفل حتى سلب ذلك الحب
له لبه والعقل .


كيف وهو القائل منبها لمن يطلب الدرجات : من ذكر الله تعالى
طلبا للدرجات فهو محجوب عن الذات.


والقائل : إنا نذكر
الله لله – يعني بذلك : أننا نذكر الله تعالى حبا فيه وتوحيدا له وتمجيدا لذاته
وإجلالا وتقديرا لصفاته والأفعال وعرفانا وتقديرا للمتعال وما المقامات إلا
لصاحبها امتحان لما سيجري به القضاء إثر ذلك العطاء فأما إلى وضع يستديم به هذا
الرفع والترفع وإما أن يكون استدراجا وامتحانا للإيمان ربما رسب فيه صاحب الظهور
الذي يقصم الظهور ويطفئ النور ويوصل للغرور وهنا يكون من حفظه الله تعالى ناجح
والمنحرف عن الله جانح وهنا المرضي عنه يكون قدوة ونبراسا بينما المستدرج في هبوط
وانتكاس حيث أخته العزة بالإثم فهو رجيم. بينما المحافظ الصائن لعطائه يكون بتلك
المقامات مقيم .... لذلك كان شيخنا رضي الله عنه دائم العبرة من الاعتبار خوفا وإجلالا
لمن يفعل ما يشاء ويختار هنا كانت المذلة رداء والانكسار إزار لأنه الذاكر اسميه
المهيمن والقهار...


***


36-
وتلقنت منهجا من حبيبي فدعوت
المراد لله ربي


وتلقنت منهجي من
حبيبي
: نعم فإن للواصلين من الأولياء تخطى رجال السند والوصول إلى سيدنا الرسول
والمبايعة له حيث يكون استلام المدد لإعطاء من رشد ممن دعوا إلى الله ولزموا
المنهاج وكان لهم للمدد احتياج ويخافون الاستدراج المتأكدين أن الحساب يكون على
النية وما تكون عليه السريرة والطوية والعلمين بأن الله تعالى يعلم السر وأخفى أي
وأخفي من السر كحديث النفس ووسوسة الشيطان والخنس والسميع البصير لما يدور في
القلوب والنفس ...


هنا يكون التصرف في المدد على قدر من له الداعي استعد ... ( هذا
عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب ) ....


وهنا تكون الزلفى للمربي وحسن المآب بنوال الرضا من الوهاب.


فدعوت المراد لله ربي : هنا كأن شيخنا رضي الله عنه يقول :
إن الله أراد له أن يستعد فاستعد وبذا وصل واتصل وهنا كان مأمورا بما أمره به
سيدنا الرسول لذلك كان السير في الدعوة موصول من القلوب مقبول وبهذا صارت الدعوة
جاذبة للناس وكان حب الله والذكر أساس حيث قال شيخنا رضي الله عنه : إن الفتح
الحقيقي في طريقي هو تيسير الله تعالى للذاكر أن يذكر الله كثيرا . وما كان من
الفتوحات غير كثرة الذكر فهو مظاهر إنعام وموارد إكرام ففي ذلك تنبيه إلى أن لا
يكون شيء من الالتفات لنوال الدرجات وأن يكون لمن نالها صيانة للأمانة باستعمالها
للضرورة في نجاح المسيرة والتذرع بالكتمان قدر الإمكان هو باب الأمان ...


***


37-
وذاك بتوفيق وحسن عناية
وحسن قضاء سابق معه يا حبي


نعم كأن شيخنا رضي الله عنه يقول منبها لذوي العقول : أن
يداوموا على سؤال الله تعالى التوفيق فالتوفيق لرغبة الداعي لله وسائله به يكون حسن
التحقيق وإن هذا التوفيق له أمور بها تجاب الطلبات وتنقضي المهمات وتزول المساءات
وبها يتم اليقين ويكون ملتزمها من المتقين وما هذه الأمور إلا حسن التوكل على الله
والرضا بقضاه والالتجاء إليه والتفويض له والتسليم للعليم والتذلل والانكسار
للكريم وحسن الاستقامة للنجاح علامة وهنا يزول البأس وينتهي اليأس ( يمحو الله ما
يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) .


فالله سبحانه وتعالى تواب على من تاب ولله تعالى رجع وأناب وما
التوبة إلا عفو من الله يتم به محو الحوبة لمستغفر بالله مستنصر ( وما النصر إلا
من عند الله ) الموفق لطالب التوفيق للعمل بما يحبه الله وما فيه رضاه فعند الرضا
يكون اللطف بالقضا ومحو ما مضى ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ).


***


38-
هنا لم ألاق للغرور وشره
وأسجد شكرا واضع الوجه بالترب


هنا كأن شيخنا رضي الله عنه يقول : إن ما ناله من عطايا غالية
ودرجات عالية مما جعله يتصدر الداعين حتى صار ينافس السابقين فقد مهد الله له سبل
النجاح ونوال تمام الفلاح حتى وازن طريقه مختلف الطرق الصوفية بل تعدى عددها لكمال
طريقته وقوة فتحها وكان هذا كله لم يورثه الغرور حيث هو متأس بالقرآن وسنة الرسول
المسمى بكتاب الله نور ( لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ) وموقنا بأن ما هو فيه
من حال بلغ الذروة في غاية من القوة ليس إلا تفضلا من الله الكريم وهدية من الله
العظيم الذي جعله بحبه طفلا يهيم متأكدا أنه لا عن عبادة وسهر وترك النعيم
والوسادة معتقدا أن العطاء من الله وهب لا يجر إلى جلبه كسب وأن الولاية للولي كما
قال سابقا: إنها تقابل الاختيار للنبي وذلك بوهب مقام الحفظ الإلهي لوارث النبي
والفضل لله الذي جعله للدعوة خادما وبها قائما وبذلك فضله على كثير من الناس ويحس
بذلك كل الإحساس ويشكر الله تعالى – واضعا خده بالتراب ساجدا – أن حفظه من أكبر
نكبة كان لها هجوم على العقل ووثبة فإنه إذا أراد الله أمرا سلب من ذوي العقول
عقولهم وهنا ترى من كبار الملائكة والناس ما سلم العظيم منه لليأس دون شعور وإحساس
حيث القضا مضى بأن يكون للمسلوب بغير علمه عامل وبعلمه متجاهل أو جاهل وهنا يعترض
على الله فيما قدره وقضاه ويدافع عن نفسه متهما لمولاه غير عابئ بما يأمر به الله
وكان أول من وقع في هذا الخطأ البئيس إبليس الذي جادل مولاه ونسي أنه على الملائكة
رئيس وجادل بما لم يجادل به أجهل خسيس وهذه جرأة على الله تم بها أمر طرده بسحب
وده لما نكث من عهد والعجيب أن يسأل ذلك المجترئ الوغد من الله مسائل تؤهله إلى
إفساد العقول بالذات وبحبها للدني والشهوات والمعاصي ودنئ النزوات فيجيبه الله
تعالى لما سأل من مسائل وقال الله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ... )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://maddyaam.own0.com
تسابيح

avatar


المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 06/02/2012

 كيف اتصلت بربنا      Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف اتصلت بربنا     كيف اتصلت بربنا      I_icon_minitimeالإثنين فبراير 06, 2012 3:36 am

بارك الله فيكم اخى عبد الله بحق سيدنا محمد واّل سيدنا محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد صلاح الدين

خالد صلاح الدين


المساهمات : 6
تاريخ التسجيل : 12/03/2012

 كيف اتصلت بربنا      Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف اتصلت بربنا     كيف اتصلت بربنا      I_icon_minitimeالأربعاء مارس 14, 2012 4:09 am

اللهم أهدنى الى الاقتداء بحضرة حبيبك المصطفى صلى الله علية وسلم والسير على طريق سادتى وأرزقنى ملازمتهم وصحبتهم ومحبتهم فى الدنيا واللآخرة وبرفقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى جنات النعيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف اتصلت بربنا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيدى أبوخليل :: كتب :: كتب خاصة بالطريقة الخليلية وأورادها-
انتقل الى: